لما ابتعد بنو اسرائيل عن منهج الله ، أذلهم الله ، وغلبهم أعداؤهم ، وأخذوا منهم التوراة ، كما أخذوا منهم التابوت بما فيه من ميراث آل موسى وآل هارون ، واشتكى بنو اسرائيل الى نبيهم ، وطلبوا منه أن يعين فيهم ملكا عليهم ، فحذرهم نبيهم من ألا يطيعوا أمره ، وألا يقاتلوا ، فعين عليهم طالوت ملكا ، وكان رجلا من عامة الشعب ، وليس من سلاسة الملوك ، فاعترضوا عليه ، فذكرهم نبيهم بالعهد ، وأخبرهم أن آية ملك طالوت أن يعيد الله اليكم التابوت فيه سكينة ورحمة منه ، وبقية مما ترك آل موسى وهارون، فعاد اليهم التابوت تحمله الملائكة ، وشاهدوه بأعينهم ، فاعترفوا بملك طالوت عليهم ، ولما جهز طالوت الجيش ، وكان رجلا قويا ، حازما ، عالما ، أخبرهم أن الله سيبتليهم بنهر ، فمن شرب منه رجع ، ومن تحمل العطش كان معه ، الا أن يغترف غرفة بيده ، فشربوا منه الا قليلا منهم ، ولم يثبت معه من الآلاف الا ثلاثمائة وستة عشر رجلا ، عدد أصحاب الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) يوم بدر ، فلما التقوا بجالوت الكافر وجنوده خافوا ، فذكرهم الصالحون منهم أن نصر الله لا يأتى بعدد ولا عدة ، فدعوا الله أن ينصرهم ، وفى الحرب قتل داود - عليه السلام - جالوت فأعطاه طالوت نصف الملك وزوجه ابنته كما وعده ، ثم آلت النبوة الى آل داود - عليه السلام .
اللهم صلى وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم